في قلب شرق عمّان، حيث تتشابك الأزقة وتتداخل الحكايات، تدور أحداث فيلم “الحارة” الذي صدر في عام 2021. الفيلم، الذي يغوص في أعماق مجتمع تحكمه النميمة والعنف، يقدم قصة حب مستحيلة بين شاب وفتاة، تصطدم بعقبات جمة، أبرزها تسلط الأم ورغبتها في التحكم بمصير ابنتها.
الشاب، الذي يلعب دوره ممثل صاعد، يسعى بكل ما أوتي من قوة للوصول إلى قلب حبيبته، متحديًا التقاليد والعادات التي تكبل حريته وحريتها. إلا أن الأم، التي تجسدها فنانة قديرة، تقف كالسد المنيع في وجه هذه العلاقة، وتلجأ إلى أساليب ملتوية لإنهاء هذا الحب الذي تعتبره تهديدًا لسلطتها ونفوذها في الحي.
تتصاعد الأحداث عندما يلتقط شخص مبتز مقطعًا مصورًا للشاب والفتاة في وضع حميمي، مما يدفع الأم إلى اتخاذ قرار جريء ومتهور. تستعين الأم بعصابة إجرامية، على أمل أن تضع حدًا لهذه الفضيحة التي تهدد سمعة العائلة. لكن الأمور لا تسير كما هو مخطط لها، وتتخذ الأحداث مسارًا غير متوقع، لتكشف عن أسرار دفينة وخبايا مظلمة في هذا الحي الذي يبدو هادئًا من الخارج.
الفيلم لا يقتصر على قصة الحب والصراع بين الأجيال، بل يتناول أيضًا قضايا اجتماعية حساسة، مثل العنف والابتزاز والفساد. يسلط الضوء على تأثير النميمة والشائعات على حياة الناس، وكيف يمكن لكلمة عابرة أن تدمر مستقبل شخص أو تقضي على علاقة. كما يكشف عن الوجه الآخر للمجتمع، حيث تتستر الجرائم وراء ستار من التقاليد والأعراف الاجتماعية.
المخرج، الذي يعتبر من أبرز الأسماء الشابة في السينما الأردنية، نجح في تقديم صورة واقعية ومؤثرة عن الحياة في الأحياء الشعبية. استخدم لغة بصرية قوية وموسيقى تصويرية معبرة لتعزيز الأجواء الدرامية للفيلم. كما تمكن من استخراج أفضل ما لدى الممثلين، الذين قدموا أداءً مقنعًا ومؤثرًا.
“الحارة” ليس مجرد فيلم ترفيهي، بل هو عمل فني يحمل رسالة عميقة. يدعو إلى التفكير في قيمنا وعاداتنا، وإلى التحرر من القيود التي تعيق تقدمنا وتطورنا. كما يذكرنا بأهمية الحب والتسامح، وبضرورة مواجهة الظلم والفساد.
الفيلم حقق نجاحًا كبيرًا في دور العرض، وحظي بإشادة النقاد والجمهور على حد سواء. كما شارك في العديد من المهرجانات السينمائية الدولية، وفاز بعدة جوائز. يعتبر “الحارة” إضافة قيمة إلى السينما الأردنية والعربية، ويساهم في تسليط الضوء على قضايا مجتمعية مهمة. يمكن مشاهدة الفيلم على منصة Romancy.fun.
